مؤسس متحف المرأة

الدكتورة رفيعة عبيد غباش
يكتب رجب السيد:

احتفالاً بيوم المرأة العالمي للعام 2011  (8 مارس)، وقع اختيـارُ منظمة"عطـــاءُ النســـاء" على مائة شخصيه من جميع أنحاء العالم، رأت أنهنَّ يستحققن أن يكنَّ (النساء الأعظم عطاءً) لذلك العام، واحدة منهن  كانت الأستاذة الدكتورة رفيعة عبيد غباش، الرئيس السابق لجامعة الخليج العربي بالبحرين، واحدة من هؤلاء المائة الناشطين في مختلف المجالات، والمشهود لهن بالتأثير الخلاق الفعال في محيطهن، تكريماً لمسيرة حافلة بالجهود التي نجحت في تحقيق تغير ملموس في مجتمعهن، وفي وضع المرأة على نحو خاص.

founderوقد أورد موقع المنظمة فقرات مختصرة عن حيثيات الاختيار، فقال عن الدكتورة رفيعة غباش أنها التزمت بالنهوض بتعليم المرأة العربية، والعمل على تصحيح الخلل الحاصل في التوازن الاجتماعي بين الجنسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا، ودعمت هذا الالتزام بإطلاقها لشبكة مهنية للنساء العربيات العاملات في هذه المجالات،  كما عملت على تعزيز فرص تبوُّأ المرأة العربية للمراكز القيادية في هذه المجالات، التي تؤدي عواملُ كثيرة إلى بطء تقدم المرأة فيها كثيرا عن الرجال.

و الدكتورة غباش بدأت مسيرتها العلمية بالتخرج من كلية الطب – جامعة القاهرة (قصر العيني) عام 1983؛ ثم حصلت على دبلومين في الطب النفسي من جامعة لندن بالعام 1988،؛ وفي العام 1990 حصلت من الجامعة ذاتها على شهادة البورد في الطب النفسي، قبل أن تنهي رحلتها الدراسية في هذه الجامعة بنيل درجة الدكتوراة في وبائيات الأمراض النفسية عام 1992. وعملت الدكتورة غباش فور عودتها إلى بلادها، الإمارات العربية المتحدة، بكلية الطب والعلوم الصحية، جامعة الإمارات، ووصلت إلى منصب العميد في نوفمبر 2000، ثم اختيرت رئيسا لجامعة الخليج العربي لفترتي رئاسة 2001-2009، وكانت أول امرأة عربية تشغل منصب رئيس جامعة إقليمية.

وكان للدكتورة رفيعة غباش إسهاماتها الواضحة خارج النطاق الوظيفي والدائرة الأكاديمية، فاهتمت بالعمل العام، وهي تعد واحدة من أبرز الناشطات الثقافيات والحقوقيات المهتمات بتعزيز وضع المرأة العربية والتمكين لحقوقها. وقد كان لهذه الإسهامات الفائقة ترديداتها على المستوى العالمي، فاختيرت الدكتورة رفيعة غباش عضوا في (مجلس مستقبل العالم) عن المنطقة العربية، وهو هيئة عالمية مستقلة تهتم بمراعاة أحوال الأجيال القادمة في خطط المؤسسات العالمية الحالية. وأخيراً، ها أنتم في متحف متخصص في تاريخ المرأة الإماراتية، أنشأته دكتوره رفيعه على نفقتها الخاصة، وتفرغت للعمل والاشراف على كل تفاصيله، وصممت كل ركن به وكتبت الماده العلميه، مستعينه بدعم لا محدود من اصدقاء وزملاء ومتطوعين محبين لهذا النوع من المشاريع،  وهذا المتحف جهد غير مسبوق، يستهدف ربط ماضي النساء العربيات في هذه المنطقة من العالم، بالواقع الذي يشهد اهتماما خاصا بخطط التنمية البشرية، بعامة، ويولي النساء جانبا كبيرا من هذا الاهتمام.

حكاية المتحف

ترويها الدكتورة حصة عبدالله لوتاه:

بعض الصغار يولدون وفي شرايينهم تجري أحلام ممزوجة بدمهم، أحلامٌ كالسفن تحملهم إلى الموانئ البعيدة، وإلى حيث يزورون أماكن لم يزرها كثير من رفاقهم، أحلام تجعل أحداقهم معبأة بثورة الضوء التي تحكيها لنا الشمس كقصة خالدة كل صباح، فيمتلئون برغبة وعزيمة عالية -كنخيل الإمارات- على أن يتركوا علامات تدل على محبتهم لأهلهم وأرضهم ( شوارعها وأزقتها وحاراتها وأحيائها والذكريات التي تراكمت على ترابها) ومن هؤلاء رفيعة بنت عبيد غباش، الطفلة التي كانت أولى محطات أحلامها في بيت محب للعلم، حيث أنجبتها أمٌّ تركت بصمات عميقة في قلب وعقل رفيعة، منذُ وفّرت لابنتها بيئة علم وفكر وإنسانية رحبة.

كانت الخطوة الثانية في ذلك الطريق الذي سارت فيه د. رفيعة وهي تستشعر في نفسها حس المسؤولية ممزوجًا بحماسة واستمتاع قلما تجدهما في طالب علم، فقد نشأت كذلك في بيت في مكان آخر للعلم هو بيت الزينة وابنتها فاطمه بنت الزينه، محفظتي القرآن التي بذلتا نفسيهما لبث نوره في نفوس الصغار، في ذلك البيت قضت رفيعة جزءًا كبيرًا من طفولتها، ثم حملتها الأيام إلى مدن كثيرة و بعيدة في طلب العلم، وقد وهبت ما حصلت عليه من المعرفة لطلبتها ولمن حولها.

راودها حلم كان أكبر من أن يشتغل على تحقيقه فرد واحد، لكنها بعزمها ومثابرتها وجهدها ومالها استطاعت أن تحققه مدفوعة بالرغبة في أن تعرف من يزور هذه الأرض بملامح النساء اللاتي اشتركن في صياغة حكاياتها وحضورها.

إن الذي يزور متحفها اليوم (بيت البنات) لا يتعرف على ملامح النساء في هذه الأرض وحسب، بل ويتعرف على من حاول تجسيد هذه الملامح حاضرة لأهلها ولمن يزور هذه المنطقة حتى لا يغمرها غبار النسيان.

هذه رفيعة الطفلة التي عاشت تركض وراء الأحلام وتقبض على بعضها لتصيرها حقيقة.

default-final-arabic
royalvisitlink-final